كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



شُبَهَاتُ النَّصَارَى عَلَى إِنْكَارِ الصَّلْبِ:
(الشُّبْهَةُ الْأُولَى): يَدَّعِي بَعْضُهُمْ فِيمَا يُمَوِّهُ بِهِ عَلَى عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ، أَنَّ مَسْأَلَةَ الصَّلْبِ مُتَوَاتِرَةٌ، فَالْعِلْمُ بِهَا قَطْعِيٌّ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ: أَنَّ دَعْوَى التَّوَاتُرِ مَمْنُوعَةٌ؛ فَإِنَّ التَّوَاتُرَ عِبَارَةٌ عَنْ إِخْبَارِ عَدَدٍ كَثِيرٍ، لَا يُجَوِّزُ الْعَقْلُ اتِّفَاقَهُمْ، وَتَوَاطُؤِهِمْ عَلَى الْكَذِبِ، بِشَيْءٍ قَدْ أَدْرَكُوهُ بِحَوَاسِّهِمْ إِدْرَاكًا صَحِيحًا لَا شُبْهَةَ فِيهِ، وَكَانَ خَبَرُهُمْ بِذَلِكَ مُتَّفِقًا لَا خِلَافَ فِيهِ، هَذَا إِذَا كَانَ التَّوَاتُرُ فِي طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ شَيْئًا (مَثَلًا) وَأَخْبَرُوا بِهِ، فَإِنْ كَانَ التَّوَاتُرُ فِي طَبَقَاتٍ كَانَ مَا بَعْدَ الْأُولَى مُخْبِرًا عَنْهَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَفْرَادُ كُلِّ طَبَقَةٍ لَا يُجَوِّزُ عَقْلُ عَاقِلٍ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فِي الْإِخْبَارِ عَمَّنْ قَبْلَهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ قَدْ سَمِعَ جَمِيعَ الْأَفْرَادِ الَّذِينَ يَحْصُلُ بِهِمُ التَّوَاتُرُ مِمَّنْ قَبْلَهُمْ. وَأَنْ يَتَّصِلَ السَّنَدُ هَكَذَا إِلَى الطَّبَقَةِ الْأَخِيرَةِ، فَإِنِ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ لَا يَنْعَقِدُ التَّوَاتُرُ.
وَأَنَّى لِلنَّصَارَى بِمِثْلِ هَذَا التَّوَاتُرِ؟ وَالَّذِينَ كَتَبُوا الْأَنَاجِيلَ، وَالرَّسَائِلَ الْمُعْتَمَدَةَ عِنْدَهُمْ لَا يَبْلُغُونَ عَدَدَ التَّوَاتُرِ، وَلَمْ يُخْبِرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ مُشَاهَدَةٍ، وَمَنْ تُنْقَلُ عَنْهُ الْمُشَاهَدَةُ كَبَعْضِ النِّسَاءِ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الِاشْتِبَاهُ وَالْوَهْمُ. بَلْ قَالَ يُوحَنَّا فِي إِنْجِيلِهِ: إِنَّ مَرْيَمَ الْمَجْدَلِيَّةَ وَهِيَ أَعْرِفُ النَّاسِ بِالْمَسِيحِ اشْتَبَهَتْ فِيهِ وَظَنَّتْ أَنَّهُ الْبُسْتَانِيُّ، وَهُوَ قَدْ كَانَ صَاحِبَ آيَاتٍ، وَخَوَارِقَ عَادَاتٍ، فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُلْقَى شَبَهُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَنْجُوَ بِالتَّشَكُّلِ بِصُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ، كَمَا رَوَوْا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ: إِنَّهُمْ يَشُكُّونَ فِيهِ وَكَمَا قَالَ مُرْقُسْ: إِنَّهُ ظَهَرَ لَهُمْ بِهَيْئَةٍ أُخْرَى. ثُمَّ إِنَّ مَا عُزِيَ إِلَيْهِمْ، لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْهُمْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ، بِالسَّمَاعِ مِنْهُمْ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ، إِلَى الْعَصْرِ الَّذِي صَارَ لِلنَّصَارَى فِيهِ مُلْكٌ وَحُرِّيَّةٌ يُظْهِرُونَ فِيهِمَا دِينَهُمْ، وَقَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ رَحْمَةُ اللهِ الْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُ انْقِطَاعَ أَسَانِيدِ هَذِهِ الْكُتُبِ بِالْبَيِّنَاتِ الْوَاضِحَةِ. وَسَيَأْتِي فِي هَذَا السِّيَاقِ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الثِّقَةِ بِهَا.
(الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ): يَقُولُونَ لَوْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مُتَوَاتِرَةً مُتَّفَقًا عَلَيْهَا، لَوُجِدَ، فِيهِمْ، مَنْ أَنْكَرَهَا، كَمَا وُجِدَتْ فِيهِمْ فِرَقٌ خَالَفَتِ الْجُمْهُورَ فِي أُصُولِ عَقَائِدِهِ؛ كَالتَّثْلِيثِ، وَلَمْ تُخَالِفْهُ فِي هَذِهِ الْعَقِيدَةِ.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا عَسِيرٌ عَلَى مَنْ يَجْهَلُ تَارِيخَهُمْ، يَسِيرٌ عَلَى الْمُطَّلِعِ عَلَيْهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الصَّلْبَ مِنْهُمْ فِرْقَةُ السِّيرِنِثِيِّينَ، وَالتَّاتْيَانُوسِيِّينَ أَتْبَاعُ تَاتْيَانُوسَ تِلْمِيذِ يُوسْتِينُوسَ الشَّهِيدِ، وَقَالَ فُوتْيُوسُ: إِنَّهُ قَرَأَ كِتَابًا يُسَمَّى: رِحْلَةُ الرُّسُلِ فِيهِ أَخْبَارُ بُطْرُسَ، وَيُوحَنَّا، وَأَنْدَرَاوِسْ، وَتُومَا، وَبُولُسْ، وَمِمَّا قَرَأَهُ فِيهِ: أَنَّ الْمَسِيحَ لَمْ يُصْلَبْ، وَلَكِنْ صُلِبَ غَيْرُهُ، وَقَدْ ضَحِكَ بِذَلِكَ مِنْ صَالِبِيهِ.
هَذَا، وَإِنَّ مَجَامِعَهُمُ الْأُولَى قَدْ حَرَّمَتْ قِرَاءَةَ الْكُتُبِ الَّتِي تُخَالِفُ الْأَنَاجِيلَ الْأَرْبَعَةَ، وَالرَّسَائِلَ الَّتِي اعْتَمَدَتْهَا، فَصَارَ أَتْبَاعُهُمْ يَحْرِقُونَ تِلْكَ الْكُتُبَ وَيُتْلِفُونَهَا، وَإِنَّنَا نَرَى مَا سَلِمَ بَعْضُ نُسَخِهِ، مِنْهَا، كَإِنْجِيلِ بِرْنَابَا يُنْكِرُ الصَّلْبَ، وَمَا يُدْرِينَا أَنَّ تِلْكَ الْكُتُبَ الَّتِي فُقِدَتْ كَانَتْ تُنْكِرُهُ أَيْضًا، فَنَحْنُ لَا ثِقَةَ لَنَا بِاخْتِيَارِ الْمَجَامِعِ لِمَا اخْتَارَتْهُ، فَنَجْعَلُهُ حُجَّةً، وَنَعُدُّ مَا عَدَاهُ كَالْعَدَمِ. عَلَى أَنَّ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْمُنْكِرِينَ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُودِهِمْ، وَعَدَمُ وُجُودِهِمْ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ بِتَقْلِيدِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ثَابِتًا فِي نَفْسِهِ.
(الشُّبْهَةُ الثَّالِثَةُ): يَقُولُونَ: إِنَّ الْأَنَاجِيلَ، وَرَسَائِلَ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ قَدْ أَثْبَتَتِ الصَّلْبَ، وَهِيَ كُتُبٌ مُقَدَّسَةٌ مَعْصُومَةٌ مِنَ الْخَطَأِ، فَوَجَبَ اعْتِقَادُ مَا أَثْبَتَتْهُ.
وَنَقُولُ (أَوَّلًا): لَا دَلِيلَ عَلَى عِصْمَةِ هَذِهِ الْكُتُبِ، وَلَا عَلَى أَنَّ كَاتِبِيهَا كَانُوا مَعْصُومِينَ، و(ثَانِيًا): لَا دَلِيلَ عَلَى نِسْبَتِهَا إِلَى مَنْ نُسِبَتْ إِلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَوَاتِرَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ، و(ثَالِثًا): أَنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِأَمْثَالِهَا كَإِنْجِيلِ بِرْنَابَا، وَتَرْجِيحُهُمْ إِيَّاهَا عَلَى هَذَا الْإِنْجِيلِ لَا يَصْلُحُ مُرَجِّحًا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا فِي اعْتِمَادِهَا تِلْكَ الْمَجَامِعَ الَّتِي لَا ثِقَةَ لَنَا بِأَهْلِهَا، وَلَا كَانُوا مَعْصُومِينَ عِنْدَهُمْ، وَلَا عِنْدَنَا، و(رَابِعًا): أَنَّهَا مُتَعَارِضَةٌ فِي قِصَّةِ الصَّلْبِ، وَفِي غَيْرِهَا، و(خَامِسًا): أَنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِالْقُرْآنِ الْعَزِيزِ، وَهُوَ الْكِتَابُ الْإِلَهِيُّ الَّذِي ثَبَتَ نَقْلُهُ بِالتَّوَاتُرِ الصَّحِيحِ، دُونَ غَيْرِهِ، فَقُصَارَى تِلْكَ الْكُتُبِ أَنْ تُفِيدَ الظَّنَّ بِالْقَرَائِنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} وَالْقُرْآنُ قَطْعِيٌّ، فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ الْقَطْعِيَّ.
إِنَّ بَعْضَ الْمُسْلِمِينَ يُصَدِّقُونَ دُعَاةَ النَّصْرَانِيَّةِ، وَمُجَادِلِيهِمْ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَنَاجِيلَ مَحْفُوظَةٌ عِنْدَهُمْ مِنْ عَهْدِ الْمَسِيحِ إِلَى الْآنِ، وَأَنَّهَا مُسَلَّمَةٌ عِنْدَ جَمِيعِ فِرَقِهِمْ، وَمَعْرُوفَةٌ عِنْدَ غَيْرِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ يَخْتَلِفُ فِيهَا اثْنَانِ. وَلَكِنْ مَنْ طَالَعَ كُتُبَهُمُ التَّارِيخِيَّةَ وَالدِّينِيَّةَ، يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى بَاطِلَةٌ. وَإِنَّمَا يُصَدِّقُهُمُ الْمُسْلِمُونَ الْجَاهِلُونَ؛ لِتَوَهُّمِ أَنَّ النَّصْرَانِيَّةَ نَشَأَتْ كَالْإِسْلَامِ فِي مَهْدِ الْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ وَالْمَدَنِيَّةِ وَالْحَضَارَةِ، فَأَمْكَنَ حِفْظُ كُتُبِهَا كَمَا أَمْكَنَ حِفْظُ الْقُرْآنِ. وَشَتَّانَ بَيْنَ الْأُمَّتَيْنِ فِي نَشْأَتِهِمَا شَتَّانَ. وَإِلَيْكَ نَزْرًا مِنَ الْبَيَانِ، وَإِنْ شِئْتَ الْمَزِيدَ مِنْ مِثْلِهِ فَارْجِعْ إِلَى الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي هَذَا الشَّأْنِ.
الدَّلَائِلُ عَلَى عَدَمِ الثِّقَةِ بِالْأَنَاجِيلِ: أَلَّفَ سَلْسُوسُ مِنْ عُلَمَاءِ الْوَثَنِيِّينَ فِي الْقَرْنِ الثَّانِي لِلْمِيلَادِ كِتَابًا فِي إِبْطَالِ الدِّيَانَةِ النَّصْرَانِيَّةِ قَالَ فِيهِ كَمَا نَقَلَ عَنْهُ أَكْهَارِنْ مِنْ عُلَمَاءِ أَلْمَانْيَةَ مَا تَرْجَمَتُهُ: بَدَّلَ النَّصَارَى أَنَاجِيلَهُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، أَوْ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، بَلْ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا تَبْدِيلًا؛ كَأَنَّ مَضَامِينَهَا بُدِّلَتْ.
وَفِي كُتُبِهِمْ أَنَّ الْفِرْقَةَ الْأَبْيُونِيَّةَ مِنْ فِرَقِ النَّصَارَى فِي الْقَرْنِ الْأَوَّلِ لِلْمِيلَادِ كَانَتْ تُصَدِّقُ إِنْجِيلَ مَتَّى وَحْدَهُ وَتُنْكِرُ مَا عَدَاهُ، وَلَكِنْ كَانَ ذَلِكَ الْإِنْجِيلُ مُخَالِفًا لِإِنْجِيلِ مَتَّى الَّذِي ظَهَرَ بَعْدَ ظُهُورِ قُسْطَنْطِينَ، وَأَنَّ الْفِرْقَةَ الْمَارَسْيُونِيَّةَ مِنْ فِرَقِ النَّصَارَى الْقَدِيمَةِ كَانَتْ تَأْخُذُ بِإِنْجِيلِ لُوقَا، وَكَانَتِ النُّسْخَةُ الَّتِي تُؤْمِنُ بِهَا مُخَالِفَةً لِلْمَوْجُودَةِ الْآنَ، وَكَانَتْ تُنْكِرُ سَائِرَ الْأَنَاجِيلِ، وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُبْتَدَعَةِ.
وَفِي رِسَالَةِ بُولِسْ إِلَى أَهْلِ غِلَاطْيَةَ مَا نَصُّهُ (1: 6) إِنِّي أَتَعَجَّبُ أَنَّكُمْ تَنْتَقِلُونَ هَكَذَا سَرِيعًا عَنِ الَّذِي دَعَاكُمْ بِنِعْمَةِ الْمَسِيحِ إِلَى إِنْجِيلٍ آخَرَ لَيْسَ هُوَ آخَرَ، غَيْرَ أَنَّهُ يُوجَدُ قَوْمٌ يُزْعِجُونَكُمْ، وَيُرِيدُونَ أَنْ يُحَوِّلُوا إِنْجِيلَ الْمَسِيحِ هَكَذَا فِي تَرْجَمَةِ الْبُرُوتِسْتَانْتِ الْأَخِيرَةِ (يُحَوِّلُوا) وَفِي التَّرْجَمَةِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي نَقَلَ عَنْهَا كَثِيرُونَ يُحَرِّفُوا وَفِي تَرْجَمَةِ الْجِزْوِيتْ يَقْلِبُوا وَالْمَعَانِي مُتَقَارِبَةٌ تَدُلُّ كُلُّهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي عَهْدِ بُولِسْ قَوْمٌ يَدْعُونَ النَّاسَ إِلَى إِنْجِيلٍ غَيْرِ الَّذِي يَدْعُو هُوَ إِلَيْهِ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَهُ أَنَّهُمْ حَرَّفُوهُ، أَوْ قَلَبُوهُ حَتَّى صَارَ كَأَنَّهُ إِنْجِيلٌ آخَرُ، وَكَمَا اعْتَرَفَ بُولِسْ بِهَذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ يُوجَدُ فِي عَصْرِهِ رُسُلٌ كَذَّابُونَ غَدَّارُونَ تَشَبَّهُوا بِرُسُلِ الْمَسِيحِ. صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِسَالَتِهِ الثَّانِيَةِ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثِيوُسَ فَقَالَ: (11:13) لِأَنَّ مِثْلَ هَؤُلَاءِ رُسُلٌ كَذَبَةٌ فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إِلَى رُسُلِ الْمَسِيحِ (14) وَلَا عَجَبَ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى مَلَاكِ نُورٍ (15) فَلَيْسَ عَظِيمًا إِذَا كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ.
وَفِي سِفْرِ الْأَعْمَالِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ بَعْضَ الْيَهُودِ كَانُوا يَنْبَثُّونَ بَيْنَ الْمَسِيحِيِّينَ، وَيُعَلِّمُونَهُمْ غَيْرَ مَا يُعَلِّمُهُمْ رُسُلُ الْمَسِيحِ، وَأَنَّ الرُّسُلَ وَالْمَشَايِخَ أَرْسَلُوا بُولِسْ وَبِرْنَابَا إِلَى أَنْطَاكِيَةَ؛ لِتَحْذِيرِ إِخْوَانِهِمْ فِيهَا مِنَ الَّذِينَ يُوصُونَهُمْ بِالْخِتَانِ، وَحِفْظِ النَّامُوسِ الَّذِي لَمْ يَأْمُرُوهُمْ بِهِ، كَمَا ذَكَرَ فِي الْفَصْلِ (15) مِنْهُ، وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُ حَصَلَتْ مُشَاجَرَةٌ هُنَالِكَ بَيْنَ بُولِسْ وَبِرْنَابَا وَافْتَرَقَا. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ بُولِسْ كَانَ عَدُوَّ الْمَسِيحِيِّينَ، وَخَصْمَهُمْ، وَأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْإِيمَانَ لَمْ يُصَدِّقْهُ جَمَاعَةُ الْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَوْلَا أَنْ شَهِدَ لَهُ بِرْنَابَا لَمَا قَبِلُوهُ، وَبِرْنَابَا يَقُولُ فِي أَوَّلِ إِنْجِيلِهِ: إِنَّ بُولِسْ نَفْسَهُ كَانَ مِنَ الَّذِينَ بَشَّرُوا بِتَعْلِيمٍ جَدِيدٍ غَيْرِ تَعْلِيمِ الْمَسِيحِ. فَمَعَ أَمْثَالِ هَذِهِ النُّصُوصِ فِي أُمَّهَاتِ كُتُبِهِمُ الْمُقَدَّسَةِ كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَثِقَ بِهَا؟
وَمِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَى التَّعَارُضِ وَالتَّنَاقُضِ فِي قِصَّةِ الصَّلْبِ مِنْهَا: أَنَّ أَصْلَ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ أَنَّ الْمَسِيحَ بَذَلَ نَفْسَهُ بِاخْتِيَارِهِ فِدَاءً وَكَفَّارَةً عَنِ الْبَشَرِ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْأَنَاجِيلَ تُصَرِّحُ بِأَنَّهُ حَزِنَ وَاكْتَأَبَ عِنْدَمَا شَعَرَ بِقُرْبِ أَجَلِهِ، وَطَلَبَ مِنَ اللهِ أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ هَذِهِ الْكَأْسَ، فَفِي مَتَّى: (37:26) ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ، وَابْنَي زَبْدَى، وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ (38) فَقَالَ لَهُمْ نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هُنَا، وَاسْهَرُوا مَعِي (39) ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلًا وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ، وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلًا: يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ، وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا. بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ. فَمَضَى أَيْضًا ثَانِيَةً، وَصَلَّى قَائِلًا: يَا أَبَتَاهُ، إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ، إِلَّا أَنْ أَشْرَبَهَا، فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ.
وَمِثْلُ هَذَا فِي لُوقَا: (22: 43- 45) فَكَيْفَ يَقُولُ الْمَسِيحُ هَذَا، وَهُوَ إِلَهٌ عِنْدَهُمْ؟ فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَ مَا يُمْكِنُ، وَمَا لَا يُمْكِنُ، وَأَنْ يَطْلُبَ إِبْطَالَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي أَرَادَ الْآبُ- وَهُوَ هُوَ عِنْدَهُمْ- أَنْ يَجْمَعَ بِهَا بَيْنَ عَدْلِهِ وَرَحْمَتِهِ؟
وَمِنَ الشَّوَاهِدِ عَلَيْهَا مَسْأَلَةُ اللِّصَّيْنِ اللَّذَيْنِ قَالُوا: إِنَّهُمَا صُلِبَا مَعَهُ، قَالَ مُرْقُسُ: (15: 27) وَصَلَبُوا مَعَهُ لِصَّيْنِ؛ وَاحِدًا عَنْ يَمِينِهِ، وَآخَرَ عَنْ يَسَارِهِ (28) فَتَمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ: وَأَحْصَى مَعَ أَثَمَةٍ إِلَى أَنْ قَالَ: وَاللَّذَانِ صُلِبَا مَعَهُ كَانَا يُعَيِّرَانِهِ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَتَّى: (27:44) وَأَمَّا لُوقَا فَقَدْ سَمَّى الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ صُلِبَا مَعَهُ: مُذْنِبَيْنِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: (23: 39) وَكَانَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُذْنِبَيْنِ الْمُعَلَّقَيْنِ مَعَهُ يُجَدِّفُ عَلَيْهِ قَائِلًا: إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمَسِيحَ فَخَلِّصْ نَفْسَكَ وَإِيَّانَا (40) فَأَجَابَ الْآخَرُ وَانْتَهَرَهُ إِلَخْ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَسِيحَ بَشَّرَ هَذَا بِأَنَّهُ يَكُونُ مَعَهُ فِي الْفِرْدَوْسِ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَكَانَتْ نُبُوَّةُ الْكِتَابِ (الْمُرَادُ بِهِ أَشَعْيَا) أَنَّهُ يُصْلَبُ مَعَ أَثَمَةٍ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ ثُمَّ كَانَ الْجَمْعُ اثْنَيْنِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَلَكِنْ كَيْفَ يَقُولُ اثْنَانِ مِنَ الْإِنْجِيلِيِّينَ الْمَعْصُومِينَ عَلَى رَأْيِهِمْ: إِنَّ الَّذِي عَيَّرَهُ وَأَهَانَهُ هُوَ أَحَدُهُمَا، وَالْآخَرَانِ وَهُمَا مِثْلُهُ فِي عِصْمَتِهِ يَقُولَانِ: بَلْ كِلَاهُمَا عَيَّرَاهُ؟ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمُخَالَفَاتِ وَالْمُعَارَضَاتِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ كَثِيرَةٌ، وَمَنْ أَظْهَرِهَا: مَسْأَلَةُ دَفْنِهِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَقِيَامِهِ مِنَ الْقَبْرِ قَبْلَ فَجْرِ يَوْمِ الْأَحَدِ، مَعَ أَنَّ الْبِشَارَةَ أَنَّهُ يَكُونُ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، وَهِيَ مُدَّةُ يُونَانَ فِي بَطْنِ الْحُوتِ.
وَمِنْهَا: مَسْأَلَةُ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي جِئْنَ الْقَبْرَ، وَفِيهَا عِدَّةُ خِلَافَاتٍ فِي وَقْتِ الْمَجِيءِ، وَرُؤْيَةِ الْمَلَكِ أَوِ الْمَلَكَيْنِ وَرُؤْيَتِهِ هُوَ إِلَخْ.
(الشُّبْهَةُ الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُمْ: إِنَّ كُتُبَ الْعَهْدِ الْعَتِيقِ قَدْ بَشَّرَتْ بِمَسْأَلَةِ الصَّلْبِ وَنَوَّهَتْ بِهَا تَنْوِيهًا.
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ. بَلْ أَنْتُمُ الَّذِينَ تَأَوَّلْتُمْ عِبَارَاتٍ مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ وَجَعَلْتُمُوهَا مُشِيرَةً إِلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ، أَوْ كَمَا قَالَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: إِنَّكُمْ فَصَّلْتُمْ قَمِيصًا مِنْ تِلْكَ الْكُتُبِ وَأَلْبَسْتُمُوهَا للْمَسِيحِ كَمَا أَنَّكُمْ تَدَّعُونَ أَنَّ الذَّبَائِحَ الْوَثَنِيَّةَ كَانُوا يُشِيرُونَ بِهَا إِلَى صَلْبِ الْمَسِيحِ، فَكَأَنَّ جَمِيعَ خُرَافَاتِ الْبَشَرِ وَعِبَادَاتِهِمْ حُجَجٌ لَكُمْ عَلَى عَقِيدَتِكُمْ هَذِهِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ سَبَقُوكُمْ إِلَى مِثْلِهَا. عَلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْ تِلْكَ الْعِبَارَاتِ حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ لَا لَكُمْ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَحَلِّهِ.
(الشُّبْهَةُ الْخَامِسَةُ): يَقُولُونَ: إِذَا جَازَ أَنْ يَشْتَبِهَ فِي الْمَسِيحِ وَيَجْهَلَ شَخْصَهُ الْجُنُودُ الَّذِينَ جَاءُوا لِلْقَبْضِ عَلَيْهِ، وَالْحُكَّامُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الَّذِينَ طَلَبُوا صَلْبَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَبِهَ فِي ذَلِكَ تَلَامِيذُهُ، وَمُرِيدُوهُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَهُ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ؟
وَنَقُولُ: إِنَّ الْجَوَابَ عَلَى هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا): أَنَّهُ عُهِدَ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ يُشْبِهَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا شَبَهًا تَامًّا بِحَيْثُ لَا يُمَيِّزُ أَحَدَ الْمُتَشَابِهَيْنِ الْمُعَاشِرُونَ وَالْأَقْرَبُونَ، وَقَدْ يَكُونُ هَذَا بَيْنَ الْغُرَبَاءِ، كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الْأَقْرَبِينَ. وَلَعَلَّهُ يَقِلُّ فِي الَّذِينَ يُسَافِرُونَ وَيَتَقَلَّبُونَ بَيْنَ الْكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَقَعْ لَهُ الِاشْتِبَاهُ بَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ وَمَنْ لَا يَعْرِفُ، وَقَدْ وَقَعَ لِي غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أُسَلِّمَ عَلَى رَجُلٍ غَرِيبٍ اشْتَبَهَ عَلَيَّ بِصَدِيقٍ لِي، ثُمَّ أَعْرِفُ بَعْدَ الْحَدِيثِ مَعَهُ أَنَّهُ غَيْرُهُ، وَإِنَّنَا لِزِيَادَةِ الْبَيَانِ نُورِدُ قَلِيلًا مِنَ الشَّوَاهِدِ عَنِ الْإِفْرِنْجِ الَّذِينَ يَثِقُ دُعَاةُ النَّصْرَانِيَّةِ عِنْدَنَا بِهِمْ مَا لَا يَثِقُونَ بِغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الدُّعَاةَ مِنْ أَبْنَاءِ جِنْسِهِمْ، أَوْ مُقَلِّدَتُهُمْ.
قَالَ صَاحِبُ كِتَابِ التَّرْبِيَةِ الِاسْتِقْلَالِيَّةِ (أُمِيلُ الْقَرْنِ التَّاسِعِ عَشَرَ) حِكَايَةً عَنْ كِتَابٍ كَتَبَتْهُ امْرَأَةُ الدُّكْتُورِ إِرَاسِمْ إِلَى زَوْجِهَا مَا نَصُّهُ: لَقَدْ كَثُرَ مَا لَاحَظْتُ أَنَّهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالْمَوْطِنِ تَشَابُهٌ كَالَّذِي يُوجَدُ بَيْنَ أَفْرَادِ أُسْرَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَكُونُ أَجْنَبِيًّا مِنَ الْآخَرِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ، أَتَدْرِي مَنْ هُوَ الَّذِي حَضَرَتْ صُورَتُهُ فِي ذِهْنِي عِنْدَ وُقُوعِ بَصَرِي عَلَى السَّيِّدَةِ وَارنجتُون؟ ذَلِكَ هُوَ صَدِيقُكَ يَعْقُوبُ نُقُولَا، خِلْتُنِي أَرَاهُ فِي زِيِّ امْرَأَةٍ اهـ. فَهَذَا مِثَالٌ لِرَأْيِ الْكَاتِبِ فِي تَشَابُهِ النَّاسِ. وَفِي رِسَالَةٍ نُشِرَتْ فِي الْمُجَلَّدِ الْحَادِي عَشَرَ مِنَ الْمَنَارِ مَا نَصُّهُ (ص 368):
وَيُوجَدُ فِي كُتُبِ الطِّبِّ الشَّرْعِيِّ حَوَادِثُ كَثِيرَةٌ فِي بَابِ تَحْقِيقِ الشَّخْصِيَّاتِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّهُ كَثِيرًا مَا يَحْدُثُ لِلنَّاسِ الْخَطَأُ فِي مَعْرِفَةِ بَعْضِ الْأَشْخَاصِ وَيَشْتَبِهُونَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَ جَاي وفرير مُؤَلِّفَا (كِتَابِ أُصُولِ الطِّبِّ الشَّرْعِيِّ) فِي اللُّغَةِ الْإِنْكِلِيزِيَّةِ حَادِثَةً اسْتُحْضِرَ فِيهَا (150) شَاهِدًا لِمَعْرِفَةِ شَخْصٍ يُدْعَى مارتين جير فَجَزَمَ أَرْبَعُونَ مِنْهُمْ أَنَّهُ هُوَ هُوَ، وَقَالَ خَمْسُونَ: إِنَّهُ غَيْرُهُ، وَالْبَاقُونَ تَرَدَّدُوا جِدًّا وَلَمْ يُمْكِنْهُمْ أَنْ يُبْدُوا رَأْيًا، ثُمَّ اتَّضَحَ مِنَ التَّحْقِيقِ أَنَّ هَذَا الشَّخْصَ كَانَ غَيْرَ مَارتين جير، وَانْخَدَعَ بِهِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ الْمُثْبِتُونَ، وَعَاشَ مَعَ زَوْجَةِ مَارتين مُحَاطًا بِأَقَارِبِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَعَارِفِهِ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ، وَكُلُّهُمْ مُصَدِّقُونَ أَنَّهُ مَارتين، وَلَمَّا حَكَمَتِ الْمَحْكَمَةُ عَلَيْهِ؛ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِالدَّلَائِلِ الْقَاطِعَةِ اسْتَأْنَفَ الْحُكْمَ فِي مَحْكَمَةٍ أُخْرَى، فَأُحْضِرَ ثَلَاثُونَ شَاهِدًا آخَرُونَ، فَأَقْسَمَ عَشَرَةٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ هُوَ مارتين، وَقَالَ سَبْعَةٌ: إِنَّهُ غَيْرُهُ، وَتَرَدَّدَ الْبَاقُونَ، وَقَدْ حَدَثَتْ هَذِهِ الْحَادِثَةُ سَنَةَ 1539 م، فِي فَرَنْسَا، وَأَمْثَالُهَا كَثِيرٌ.